السيد الحكيم محذراً من “بعثرة” المكون الأكبر: لا معنى لأغلبية من دون أن تنتج حكومة ناجحة

وقال السيد الحكيم في كلمته بمناسبة يوم الشهيد العراقي {الأول من رجب} ذكرى استشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم {قدس سره} في النجف الأشرف :”إن وحدة كلمتنا وتوحيد صفوفنا وتحقيق طموحاتنا وأهدافنا يجب أن يبدأ من هنا.. ومن المكون الإجتماعي الأكبر في البلاد، تمهيدا لوحدتنا على صعيد الوطن كله”.
وأضاف “فلا يمكن أن نتوقع تحقيق الوحدة الوطنية إذا كان المكون الأكبر مبعثراً، متفرقاً، مشتتاً، متصارعاً، متراشقاً، لا سمح الله”.
وأكد، إن “الوطنية الشيعية التي رفعنا شعارها و رايتها ودافعنا عنها بقوة، تعني مكافحة الفرقة والتشتت في البيت الداخلي أولاً، تمهيدا لإحتواء المكونات الكريمة الأخرى بعيدا عن الطائفية والعنصرية والتهميش والإقصاء”.
وشدد السيد الحكيم على، إن “وحدة المكون الإجتماعي الأكبر يجب أن تكون الهدف الأول لنا جميعا وللمكونات الأخرى الباحثة عن الإستقرار والحقوق والشراكة والتوازنوالتعاون والتعايش”.
وقال :”نحن أول الداعمين لوحدة الصف السياسي الكردي والصف السياسي السني في البلاد ونحترم الخصوصيات الإجتماعية المطروحة من قبل أعزائنا وإخوتنا الأحبة، ولكننا نريدها وحدة تمهد للوحدة الوطنية الكبرى، لا أن تكون على حساب وحدة المكون الأكبر وحقوقه و وجوده وأدواره وإمتداداته!”.
وخاطب رئيس تحالف قوى الدولة الأحزاب السياسية الكردية والسنية في العراق، ومناشدتهم “بأن يعملوا على ما عملنا به معاً لإنقاذ البلاد من براثن الفتنة والفرقة والتقاطع نحو الإستقرار والأمن والإزدهار وأن لا يبعثوا برسائل خاطئة تجرح مشاعر شركائهم في البلاد من أبناء المكون الإجتماعي الأكبر”.
وأضاف “أوكد بأن لا معنى لأغلبية وطنية ضيقة أو واسعة من دون أن تنتج حكومة خدمية ناجحة.. تضع على عاتقها أولويات واقعية محددة بأسقف زمنية واضحة” مبينا إنَّ “الأغلبية الضيقة أوالواسعة ليست غاية في حد ذاتها.. بل هي وسيلة للحكم من أجل تأمين مصالح الشعب وحقوقهم”.
وأوضح إن “كانت الأغلبية الوطنية الضيقة راعية لذلك بلا تهديد لحق المكون الأكبر من الشعب.. فلنمض بها، وإن كانت الأغلبية الواسعة راعية لمسار الخدمة الحكومية المطلوبة والنجاح المنشود وتقديمه على المصالح الخاصة.. فأهلا بها”.
وبين السيد الحكيم، ان “الحكومة الخدمية الناجحة هي الغاية التي يجب أن تكون ماثلة أمام سلوكنا السياسي تحت أي مسمى كان”.
ودعا “جميع القوى السياسية المتصدية الى أن يجعلوا مصلحة العراق ومصلحة المكون الذي يمثلونه نصب أعينهم.. وأن لا يزهدوا بوحدة المكون الأكبر في العراق.. فبغير هذه الوحدة سندفع ضريبة كبرى.. وسيكون التفريط بالوحدة جفوة كبيرة للدماء التي دافعت عن حق المكون الأكبر وحقوق العراقيين جميعا في العقود الماضية”.
كما دعا السيد الحكيم “المجتمع الدولي والأشقاء والأصدقاء كافة الى إتخاذ موقف الحياد و التفهم لمسار الحوار الداخلي ومآلاته وعدم التلاعب بإسترايجية العراق الواحد الموحد القوي، على حساب تكتيكات مكشوفة وآنية وغير مجدية”.
وشدد على إنَّ “الدم العراقي حرام على الجميع، وإنَّ الدم الشيعي حرامٌ على الجميع، وإنَّ الأمن والإستقرار خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها او التعدي عليها أو التلاعب بها، فعلى الجميع ضبط النفس و سعة الصدر والإحتكام للأدوات السلمية والقانونية في حل الإشكاليات والإختلافات”.
وقال :”لقدأعلنّا سابقا ونعلنها مرة أخرى، بأننا سوف نكتفي بأدوارنا البرلمانية والإجتماعية والسياسية في خدمة أبناء مناطقنا وشعبنا ولا نشترك في الحكومة القادمة، ولكننا نعلنها صراحة بأننا سندعم إخوتنا المتصدين للمسؤولية، آملين الإنجازات والنجاحات الكبرى على أيديهم، وسوف نكون أول الداعمين والمساندين لهم ولكل خدمة تنتشل مناطقنا من أزماتها وإحتياجاتها”.
وأكد، إنَّ “السيادة الوطنية تمثل أولوية قصوى في كل الظروف..واليوم نمتلك من الخبرات الأمنية والعسكرية ما يمكننا من الإعتماد على أنفسنا دون الحاجة الى قوات عسكرية أجنبية .. وكل ما نحتاجه هو الإرادة الحقيقية لتفعيل عناصر القوة المتاحة لبناء منظومة عسكرية متكاملة ومحترفة وغير مخترقة”.
ونوه الى ان “على الحكومة المقبلة أن تكون جادة في بناء هذه المنظومة والإستفادة من تنوع مفاصل المؤسسة العسكرية من الجيش والشرطة ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والبيشمركة في تكوين عقيدة عسكرية وطنية موحدة وجامعة.
وحذار ثم حذارِ.. من الزهد بمؤسسة الحشد الشعبي.. هذه المؤسسة التي قدمت الغالي والنفيس من أجل تلبية نداء الوطن والذود عنه وحماية شعبه”.
وأشار الى، إن “محاربة الأجندات المخربة التي تستهدف مجتمعنا وفي مقدمتها مافيات المخدرات والفساد والعنف الأسري وغيرها من الظواهر المجتمعية الشاذة يجب أن تكون أولى أولويات الحكومة القادمة إلى جنب حملات البناء والإعمار”.
وتابع إن “معالجة بطالة الشباب من أصحاب الشهادات والعوائل الفقيرة والمهمشة، وتنمية إقتصاد البلاد والتخلص من التبعية الإقتصادية وأُحادية الإيرادات كلها أهداف كبرى يجب متابعتها وتحقيقها”.
ودعا السيد الحكيم “جميع الأحزاب المشاركة في الحكومة القادمة الى تمكين الكفاءات والطاقات الشبابية في مفاصل الدولة ومؤسساتها، فهؤلاء الشباب قد قدموا قرابين الإخلاص وسالت دماؤهم الزاكية في ساحات الإحتجاج، باحثين عن كرامة ورفعة بلادهم ووطنهم، ولايجوز التغافل عن حقوقهم وأدوارهم في الحكومات المحلية وفي الحكومة الإتحادية”.
وخاطب أبناء وبنات شهيد المحراب وعزيز العراق من تنظيمات الحكمة والموالين والمحبينمن جميع أنحاء العراق بالقول :”لطالما راهنوا على ولائكم وإخلاصكم وحبكم لمشروعكم.. مشروع الإعتدال والوسطية، مشروع الوحدة والسيادة مشروعكم الذي خطه الشهداء والمخلصون في عراقنا الحبيب هم يراهنون وأنتم في كل مرة تكسبون الرهان بوحدتكم وعزمكم وصدقكم على العهد والوعد”.
وأضاف “فقد كنتم وما زلتم أوفياء لمشروعكم منتصرين لحقوق شعبكم ولم تتوانوا يوماً ولم تنحنوا أمام عواصف التهم والأقاويل ولم تنل من عزمكم محاولات المرجفين والخاسرين لدينهم ووطنهم فأنتم الأهل والعشيرة وأنتم السلوى عند المصاعب والمحن والمنعطفات”.
وبين “إننا نلتقي اليوم بين ظهراني مرقد شهيد المحراب وعزيز العراق {قدس سرهما} وفي رحاب هذين الرجلين اللذين نذرا عمرهما الشريف من أجل رفعة العراقيين والإنتصار لقيمهم ومبادئهم وحريتهم في العيش بكرامة ورفعة، فكانوا مصداقاً لقوله تعالى : (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)”.
وأوضح السيد الحكيم، إنَّ “لقاءنا السنوي هذا في (يوم الشهيد العراقي) لإحياء ذكرى شهيد المحراب الخالد لم يكن يوماً لقاءاً عابراً بل هي محطتنا التي نجتمع فيهالنجدد فيها الولاء والتمسك بمشروعنا ومسؤوليتنا تجاه بلدنا وشعبنا ولنقف عند حجم التحديات التي تتطلب وقفة مسؤولةً وحكيمة، ولنخاطب شهيد المحراب الخالد من جواره، بقلوب حزينة، وعقول متقدة، ونفوس أبية، مرددين بثقة وثباتإننا يا ابا صادق على دربك سائرون وعلى العهد باقون ولرايتك رافعون.. وبمنهجك ملتزمون.. وعلى سبيلك وسبيل آبائك صامدون.. وللشهادة والتضحية مستعدون”.
ولفت “نراجع من خلال هذا الإجتماع الوطني الكبير مساراتنا التنظيمية والسياسية ونصحح ما ينبغي لنتقدم نحو الأمام بخطى ثابتة وعزم لا يلين وفي كل مناسبة تزداد جماهير الحكمة صلابة وقوة أمام التحديات والصعاب التي تواجه مشروعهم وقضيتهم الوطنية الحقة بل في كل عام يزدادون وعياًوإيماناً بصواب المسار الذي إختاروه دون غيره من المسارات السياسية والإجتماعية الأخرى”.
وأشار الى إنَّ “التحديات مدعاة للتلاحم والتماسك والإصرار ولطالما شهدتم تحديات جسيمة ومحاولات سعت الى تشتيت صوتكم الوطني وحجبه عن الساحة السياسية الا أن إصراركم وثباتكم على العهد يمنع ذلك ويحول دونه فكنتم خير مصداق للعهد والوعد، وكنتم خير ناصر للقضية والمشروع”.
وتابع السيد الحكيم :”يا أبناء و بنات شهيد المحراب وعزيز العراق، إن سمات وثوابت هذا الخط الشريف هي ذات المبادئ والقيم {الإنسانية والإسلامية والوطنية} التي سار عليها علماؤنا وشهداؤنا وقادتنا ولن نحيد عن هذا الطريق، طريق الحق، قيد أنملة أبداً، فنحن أبناء مدرسة شهيد المحراب، مدرسة الجماعة الصالحة والدولة الكريمة والأمة العراقية الواحدة العزيزةالمقتدرة، التي كانت ولا تزال تتخذ من الوطنية والإعتدال والوسطية منهاجا لتحقيق أهدافها وبوصلة لحركتها وخطابها وسلوكها الإجتماعي والثقافي والفكري والسياسي”.
ونوه الى “إننا نعلم جيدا أن النتائج الإنتخابية لم تكن منصفة معكم.. بل نعلم جيدا أن هناك أيادٍ أرادت تقويض حضوركم وحجمكم الحقيقيين وإبعادكم عن سيادة القرار في المرحلة المقبلة، ولولا حرصنا الشديد على دعم العملية الديمقراطية في العراق وتمسكنا بمنهجنا الوطني الذي يقدم مصالح العراق على أي مصلحة أخرى لكان لدينا موقف مغاير من العملية الإنتخابية برمتها، لكننا آلينا على أنفسنا إلا أن نكون أول المباركين لمسار العملية الإنتخابية حفظا لمصالح العباد والبلاد”.
وقال السيد الحكيم :”من خلالكم أيها الكرام الثابتون.. نقول لمن أراد النيل منكم: {كد كيدك وإسع سعيك.. فوالله لا تمحو ذكرنا} سنزداد عزما وثقة.. كلما إزددتم دهاء ومكرا، سنزداد محبة وحرصا على مشروعنا.. كلما إزددتم حقدا وحسدا.. سنزداد تماسكا ووحدة.. كلما أوغلتم في خططكم ومآربكم الخبيثة”.
وأضاف “سنزداد مضيا نحو حفظ مصالح العراق ووحدته.. كلما إزددتم طمعا وتمسكاً بمكاسبكم ومصالحكم الخاصة، لن تستطيعوا النيل من هذه الجماهير المؤمنة بقيادتها ومشروعها.. ولن تستطيعوا منعهم من أداء واجبهم الوطني تجاه العراق وشعبه.. سيبهرونكم في ميدانهم الإجتماعي والسياسي.. فهم أهل أفعال لا أقوالأهل عزيمة وإصرار.. أهل وفاء وإخلاص.. وقد خبرتهم السنين والأعوام.. فكانوا أسودا عند قول الحق وكانوا {أم الولد} حينما تشابكت المصالح الخاصة.. وكانوا الملجأ عند الشدائد والمحن والمعضلات”.
وأكد “إننا نؤمن بأن العمل لا يتكامل إلا عبر الإندكاك مع الأمة العراقية وهمومها، وعبر التصدي والتحدي والذود من أجلها، والتفاعل معها في السراء والضراء، بعيدا عن الإنغلاق والفئوية والتعصب والتحزب الضيق، وبعيداً عن التفرق والتشتت والتنابز والتراشق، فها هم قادتنا، شهيد المحراب وعزيز العراق قادة الوحدة والتراحم والتآلف ورموز التآزر والتعاون والتعاضد، ولايمكن أن نتراجع عن هذه المبادئ الأصيلة أبداً”.
وتابع السيد الحكيم “كما أدعوكم يا أبناء وبنات شهيد المحراب وعزيز العراق إلى الإلتزام الديني والقيمي حتى نكون مثالاً للآخرين حين نبدأ بأنفسنا أولاً ونهذب نفوسنا.. ونركن الى الله في جميع أمورنا .. ونكون ممن تزودوا بالتقوى .. ولم يؤثروا الحياة الدنيا .. وأعتبروا الآخرة خيراً وأبقى، وأُشدد على الإلتزام بصلوات الجماعة والأدعية المأثورة وإحياء الشعائر الدينية”.
كما دعا “بنات الحكمة والحكيم الى الإلتزام بالحجاب الشرعي ومراعاة الحشمة والعفة وتجنب الإختلاط بالرجال قدر الإمكان.. كما أدعوكم الى العمل على وحدة العقول والقلوب في مناطقكم بعيدا عن آفات التحزب والفئوية،وأن تتعاونوا على تقديم الخدمة لأبناء شعبكمبالعمل الميداني الدؤوب، ولاتنسوا بأن أكرمكم عند الناس أكثركم تواضعا وخدمة وعملا، قلتها سابقا وأجددها اليوم.. أقربكم لعمار الحكيم.. هو أكثركم خدمة لشعبكم” ليس منا من لم يكن خادما للناس أولاً وليس منا من لم يكن أهلاً لثقة الناس وهمومهم.”.
ودعا الجميع الى الإلتزام “بإحياء المبادرات الخدمية المناطقية بالتنسيق مع الحكومات المحلية.. كلاً بحسب منطقته، وأن يكون التدرج التنظيمي قائماً على أساس تلك المبادرات الخدمية.. فأكثركم خدمة للناس.. أكثركم ريادةً في التنظيم. وأدعوكم إلى التكافل المجتمعي في تهيئة ورش عملية تسهم في توفير فرص عمل حقيقية لشبابنا من الخريجين والعاطلين عن العمل.. وتذليل العقبات أمامهم”.
وأستطرد بالقول “ستبقى رؤوسكم مرفوعة وهممكم عالية كلما خفضتم جناح التواضع لأبناء شعبكم وتمسكتم بتياركم و رسالته وخطابه الوطني”.
وأوصى “بعوائل الشهداء والفقراء فهم عيال الله، وقيمتنا تكمن في خدمتهم ومتابعة شؤونهم والعمل من أجلهم، كما أدعوكم للتكافل والتراحم فيما بينكم، فلا يجوز لأحدكم أن يهنأ حين يمرُّأخوه بأزمةٍ او كربة أو حاجة وحدوا قلوبكم وتوكلوا على الله وتمسكوا بقيمكم ومبادئكم وسيكتب الله لكم النصر والنجاح والسعادة في الدارين”.
وشدد على “تحويل ظلامتكم وحقوقكم المسلوبة الى إرادة حديدية وجهود مضاعفة ومثابرة مستمرة، وسنسترجع الحقوق المهدورة معاً بجولات وصولات أخرى.. ذلك وعد الله للمؤمنين والله لا يخلف الميعاد”.
وفي ختام كلمته اكد السيد الحكيم ان “قضية فلسطين ستبقى هي القضية المركزية الماثلة أمامنا وسنتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني ونقف معه في كل الظروف وسيبقى العراق محصناً أمام كل محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب”.