اخبار رئيس التيار

نص كلمة السيد الحكيم في المؤتمر الدولي 35 للوحدة الإسلامية

24 أكتوبر، 2021

اعلن رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية السيد عمار الحكيم، السبت، بإن الامة الإسلامية الواحدة الممتدة من مشارق الأرض لمغاربها، تتسم بنقاطِ قوةٍ تؤهّلها لتكونَ الحضارةَ القائمة والرائدةَ للبشرية جمعاء.
وقال السيد الحكيم، في كلمة القاها خلال مشاركته المؤتمر الدولي 35 للوحدة الإسلامية، ان “أمتَنا تمتلكُ خزيناً معنوياً كبيراً يفتقده عالمُ اليوم المتعطشُ للمعنى وللإتصال بالغيب والقوة المطلقة والعوالم الروحية الرحبة التي ينتمي إليها الإنسان و يتشوق إلى وصلها”، مؤكداً “رفض التبعيةَ لغير الله والخضوع القسري لغيره سواء كانَ ذلك لمسلمٍ او كان لغير المسلمين”.
واكد السيد الحكيم، ان “أمتَنا تنتظرُ منا المزيد من التفكير والتنظير والحراك والسعي لتحقيق أهدافها وتطلعاتها وأحلامها المشروعة”، معلنا “نقاطِ قوةٍ الامة الاسلامية التي تؤهّلها لتكونَ الحضارةَ القائمة والرائدةَ للبشرية جمعاء”.
فيما يلي النص الكامل لكلمة السيد الحكيم خلال المؤتمر الدولي 35 للوحدة الإسلامية:
السادة والسيدات الحضور.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يطيب لي أولاً أن اتقدم لحضراتكم ولأمتنا الإسلامية بأزكى التهاني والتبريك بمناسبة ولادة نبي الإنسانية الأعظم محمد (ص) وهي مناسبة تتزامن مع ولادة حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، راجياً لشعوبنا الإسلامية الكريمة التقدم والإزدهار ببركة ذكرى هذا الميلاد العظيم.
ان الإسلام الذي نعتقد به كمسلمين، يمثل عقيدة التوحيد، الواحدة الراسخة التي توارثها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله) عن إمتداد طويلٍ للرسالات والنبوات المصاحبة للوجود البشري على الأرض وصولاً الى سيد الأنبياء وخاتمهم، وهذه الحقيقة تجعلنا ننظر للأمة الإسلامية بأُفقٍ أوسعَ من المسؤوليات والواجبات .
فما دمنا ورثةً لهذا الإمتداد الرباني ولهذه السلسلة المباركة المتواصلة للأنبياء والأمم التي سبقتنا في الإيمان والإجتباء والهداية، لإقامة الدين و رفع رايته والدعوة اليه، كلاً من موقعه وزمانه، فالأحرى أن نكون فيما بيننا موحّدينَ متاحبين مجتمعين على كلمة لا اله الا الله، غير متنافرين ولا متفرقين، كما حذرنا سبحانه وتعالى ونهانا عن ذلك في محكم كتابه العزيز، وما أكثر الآيات الكريمة الداعية للوحدة وما أكثر التي تحذر من التنازع والتنافر والفرقة .
إن أمتنا الإسلامية الواحدة الممتدة من مشارق الأرض لمغاربها، تتسم بنقاطِ قوةٍ تؤهّلها لتكونَ الحضارةَ القائمة والرائدةَ للبشرية جمعاء، ويمكن تلخيص هذه النقاط بالشكل الآتي:
١-إن الأُمةَ الإسلاميةَ تَمتلكُ إرثاً دينياً كبيراً يستند على مصادر الوحي والرسالة والنبوة، متمثلاً في منظوماتٍ عديدةٍ تشريعيةٍ ومعرفيةٍ وأخلاقيةٍ وفلسفية، تجعلُ منه إرثا جاذباً ومقنعاً يتطلعُ اليه الآخرون، إذا ما تم عرضه وتسويقه وتقديمه للعالم بشكل أمثل، كما إنه عامل أساسي في تماسك الأمة وتقاربها و وحدتها .
٢-إنَّ أمتَنا تمتلكُ خزيناً معنوياً كبيراً يفتقده عالمُ اليوم المتعطشُ للمعنى وللإتصال بالغيب والقوة المطلقة والعوالم الروحية الرحبة التي ينتمي إليها الإنسان و يتشوق إلى وصلها، بدلاً من إنغلاقه على عالم المادة في سعيٍ دائم إلى تجاوز الشعور بالغربة والحيرة والضياع.
٣-إن أمتنا أمةٌ كبيرة عدديا فهي تقارب اليوم المليارين من سكان الأرض، وهي في الوقت نفسه أمة شابة ومتجددة ومتطلعة لمستقبل أفضل بهمة متجددةٍ عالية، فضلاً عن كونها أمةً تتزايد وتتكاثر وتنمو على مرِّ الأيام، مما يجعلها أمةً ولوداً بطاقاتٍ مثلى ومواردَ بشريةٍ وفيرة .
٤-إنَّ أمتنا تقطنُ المساحاتِ الجغرافيةَ الواسعةَ وتمتلك الموارد الطبيعيةَ والماليةَ الكافية لنهضتها وعمران دولها، وإستقرار أوطانها، والمشاركة في مستقبل أفضلَ وأكثرَ رفاهيةً لسكانها خاصة وللبشرية عامةً.
إن هذه النقاطَ وغيرَها كثيرٌ، تجعلُ من أمتنا الإسلاميةِ أمةً حضاريةً وحيويةً قادرةً على النهوض والمشاركة في عمران الأرض وتعزيز الدين وتثبيت القيم والتحاور والمشاركة مع الأمم الأخرى لصالح البشرية كل البشرية، ولغرض أسمى هو تحقيق سعادة الإنسان في الدارين، الدنيا والآخرة معاً .
كما تجدر الإشارة الى أن الوحدة الإسلامية التي نتحدث عنها ليست وحدةً جغرافيةً جامدةً وليست تجاوزا قسريا على حقائق و وقائع تاريخنا وحاضرنا، كما هي الإمبراطوريات والدول الإستعمارية التوسعية أو الطموحات الشخصية أو الجماعية المتطرفة والعابرة للحدود والأوطان والقارات، بل إنها وحدةٌ قيميةٌ وحضاريةٌ وسلوكيةٌ و روحية تتمثل في جوانب مشرقة عديدة أبرزها الآتي:
وحدة العقيدة والقيم والإنتماء لله وحده سبحانه وتعالى .
إنها وحدةٌ تعترف بخصوصياتِ الشعوب والأمم المعتنقة وغير المعتنقةِ للإسلام في أوطانهم، وتُقرُّ بروابطهم القومية واللغوية والتاريخية والإجتماعية، وتحتفظ لهم بحق التمايز والتميز القائم على التحاور مع الآخر، والتعارف و المشاركة في الخير والصلاح والعمران، بعيداً عن الإنغلاق والتعنصر والتعصب المنبوذ أو الإتباع الأعمى .
إخوتي الأكارم .. إنها المعادلةُ المثلى التي نحقق من خلالها مشروعَنا الوحدويَ المنشود من خلال
الإعتراف بوحدة العقيدة الإسلامية الموحدة وقيمها النبيلة والسامية والإعتراف بتعدد الأوطان والشعوب الإسلامية، والعمل على بناء الحضارة الإسلامية المنفتحة والمتواصلة والمتحاورة مع الحضارات الإنسانية المتعددة، بناءً على قواعد الإحترام المتبادل وعلاقة الأنداد لا الأضداد .
فإننا نرفض في عقيدتنا هذه، التبعيةَ لغير الله والخضوع القسري لغيره سواء كانَ ذلك لمسلمٍ او كان لغير المسلمين .
فالإنسان المسلمُ إنسان حرٌّ ومتحررٌ من أيةِ تبعيةٍ لغيره سبحانه وتعالى، كما إنه إنسانٌ صلدٌ في عقيدته ومتآخٍ مع أبناء تلك العقيدة، ومرنٌ ومنفتحٌ في علاقاته مع الآخر النظير له في الإنسانية والشريك له في الوطن أو في المجتمع والعالم .
إن ما نذهبُ إليه هو إعادة ترتيبٍ وتبويبٍ وتنظيمٍ لعلاقاتنا الإسلامية، على مستوى الأمة الواحدة، والدول الإسلامية المتعددة، والعالم الذي نقطنه ونريدُ أن نكونَ شريكا أساسياً وفاعلاً فيه .
إن كلَّ المشاريعِ الوحدويةِ الإسلامية التي بُنيت على أساسِ المجاملات والشعارات العابرة، أو المطالبة بغلبة طرفٍ دون آخر، أو الساعية للإتحاد القسري السياسي والجغرافي قد فشلت و بانَ خَطَأُها سابقا وحاضرا، وليس أمامنا إلا إعادة النظر وتأكيد البوصلة باتجاه وحدة إسلاميةٍ حقيقية، حضارية ومستقرة وفاعلة، تعالج الإخفاقات السابقة وتفتحُ الطريق أمام نظرية واقعية، ممكنة التطبيق ومضمونة النتائج.
وهنا نؤكد دعوتنا لأبناء الأمة الإسلامية الى العمل على هذه الوحدة وتعزيز هذه النظرية التي ستكون جاذبةً لشعوبنا وشبابنا ومطمئنةً للأقليات وللجوار وللعالم.
إن الأمةَ الإسلاميةَ الكبرى تمتلك من الأفكار والنظريات والبنى المعرفية ما يغنيها عن اللجوء الى العنف والإرهاب والتقاطع والإنغلاق على الذات ويؤهلها للصدارة والريادة والمشاركة مع الآخرين في عمران الأرض وتزكية النفوس وتعديل النصوص اللازمة لهذه النهضة المنشودة والحضارة القيمية العظمى .
إن أمتَنا تنتظرُ منا المزيد من التفكير والتنظير والحراك والسعي لتحقيق أهدافها وتطلعاتها وأحلامها المشروعة، لتكون في مصاف الأمم والشعوب والدول المتقدمة وعلى المستويات كافة .
إن مثل هذه الوحدة المبتنية على أسسٍ قويمةٍ، قادرةٌ على إستنهاض شعوبنا لمقاومة الإنحراف والإستهداف من قبل أعداء الأمة، وهي الأقدر على صيانة المبادئ والعقيدة والأخلاق لأبناء الأمة، وهي الكفيلة بتوحيد موقفنا تجاه القضايا الأساسية في عالمنا الأسلامي كقضية فلسطين العادلة التي سيستعيد فيها أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق أرضَهم وحقوقَهم مهما طال الزمن.